قال الله تعالى :
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)" الإسراء
لا شك أن التعامل مع الوالدين المسنين يتطلب منا معرفة بخصائص هذه المرحلة العمرية التي يمران بها ، قبل ذلك علينا أن لا ننسى أن كل إنسان في طريقه إلى الشيخوخة إن كتب الله له العمر، يؤكد ذلك قوله عزّ من قائل :
"ثمّ جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة" الروم 54
والوالدان ينتظران من أبنائهما أن يقابلاهما بالتقدير والعرفان لسنوات طوال قضياها في رعايتهم، بذلا فيها كل ما في وسعهما كي يكبر أبناؤهما وينضجوا ويبدؤوا في العطاء!
من الخصائص العمرية في مرحلة الشيخوخة:
******
* عدم القدرة على تغيير أسلوب الحياة : فهما -أي الوالدين- لا يستطيعان التكيف والتأقلم مع نمط جديد لم يألفاه في سنين حياتهما الماضية.
*****
* يصبح المسن -في الأغلب- أقل استجابة، وأبطأ في تفاعلاته مع الأحداث، وقد يبدو غير قادر على التعبير عن مشاعره، وقد يظهر أمام الأبناء باردًا في مشاعره وانفعالاته.
****
* لا يستطيع أن يفرح بسرعة ولا أن يحزن بسرعة، فيظن الأبناء أنه غير مبال بما يحيط به .
****
* كثيرًا ما يضعف السمع والبصر عند المسنين، وتضعف أجسادهم، ويصابون بالوهن، بل ربما يصاب البعض منهم بالخرف .
****
قال تعالى :
"ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئًا" النحل 70
* تكثر أمراضهم المزمنة : من مرض السكري إلى ارتفاع ضغط الدم إلى هشاشة العظام وغيرها .
****
* قد يحجمون عن الاختلاط بالناس، وقد يلتزمون الصمت إذا جلسوا في مجلس، فتضعف مشاركتهم لضعف سمعهم او عدم قدرتهم على مواكبة الأحداث .. وغير ذلك.
****
* وقد يخطئ المسن في استعمال أدويته، فيأخذ جرعة أكبر أو أقل .
*****
* يقل النوم عند المسنين، فهم ينامون مبكرا ويستيقظون مبكرين، وقد يستيقظ المسن في الليل مرات عديدة للتبول .
كيف نتعامل مع الوالد المسن؟
يجب على الأبناء هنا أن يضعوا نصب عيونهم دوما قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- والذي يقول فيه:
(رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة). رواه مسلم
*********
فالأب والأم أمانة عند أبنائهما .. رضاهما سبيل لدخول الجنة.
****
تذكر جيدًا:
1) أبوك وأمك يحتاجان إلى حنانك وعطفك كما كنت محتاجًا لهما في صغرك، فلا تبخل عليهما بالعطف والحنان .
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"
*****
2) لا تصطدم معهما في رأي معين، وقد يحتاج الأمر إلى عدة محاولات للإقناع .
****
3) لا تلحّ على المسن، ولا تطالبه بالإسراع في أمر ما .
****
4) تذكّر أن المسن يستمتع بالحديث عن الماضي السحيق، عن تجاربه في الحياة، عن الأحداث التي عاشها في الماضي، فأصغ إليه وأظهر له التفاعل والإعجاب.
****
5) حين تتحدث مع مسن ضعيف السمع، فارفع صوتك حتى يسمعك بشكل جيد، ولا تتكلم مع الآخرين بصوت منخفض في حضرته، فإن ذلك قد يؤذيه .
****
6) لا تنزعج من فتور تفاعل المسن لأمر معين، فهو يحتاج إلى وقت أطول للتفاعل مع الأحداث .
****
7) احرص على خدمة المسن وعلى إعطائه دواءه بانتظام وفق الجرعات المخصصة له .
****
لا تنس أن دعوة الوالد لولده دعوة لا تردّ، فاحرص على أن تنال الكثير من تلك الدعوات .
وتذكر أخيرًا أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان ..
عامل والديك كما تحب أن يعاملك أبناؤك إن مدّ الله في عمرك وصرت إلى ما صار إليه أبويك قبلك