Admin Admin
عدد المساهمات : 98 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
| موضوع: الاستحسان الأربعاء 07 أبريل 2010, 08:52 | |
| - الاستحسان -
· تعريف الاستحسان لغة: هو عد الشيء حسنا, كذا إذا عده أو اعتقده حسنا.
· الاستحسان عند أهل الأصول: هو عدول المجتهد عن قياس جلي ضعيف الأثر إلى قياس خفي قوي الأثر.
· ويرد عليه أن تعريف غير جامع لخروج الاستحسان بالعدول عن موجب القياس إلى الشخص أو العرف أو إلى المصالح المرسلة أو إلى الضرورة, إنما اقتصر هذا التعريف مع استحسان القياس فقط وهو العدول عن القياس الجلي الضعيف الأثر إلى القياس الخفي القوي الأثر.
· وقيل هو: العدول عن الحكم إلى العادة لمصلحة الناس.
· ويرد عليه ما ورد على التعريف السابق أنه غير جامع لما حكم به في نظائرها إلى خلافه لوجه هو أقوى.
· ورد عليه أنه تعريف غير مانع لأنه لا يدخل فيه العدول عن حكم العموم إلى مقابلة الدليل المخصص, والعدول عن حكم الدليل المنسوخ إلى مقابلة الدليل الناسخ وهذا ليس باستحسان.
· الاستحسان هو: عدول المجتهد بالمسألة عن حكم نظائرها عن حكم آخر لوجه يقتضي هذا العدول, قاله البرزي.
· ومن الأحناف من قال: إنه عبارة عن دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على إظهاره لعدم مساعدة العبارة عنه.
· ويرد عليه أنه: تردد بين أن يكون دليلا محقق أو وهما فاسدا, وأنه ليس دليلا ظاهرا يمكن للعلماء مناقشته ومعرفة صوابه من خطأه.
· ومنهم من فقال الاستحسان هو: عدول المجتهد عن الحكم الكلي إلى حكم استثنائي لدليل رجح لديه هذا العدول.
· المثبتون والمنفون للاستحسان..
· قال الأمدي: وقد اختلف فيه وقال به أصحاب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأنكره الباقون.
· وقال الدكتور أنور محمد دبور أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة: ذهب القول بالاستحسان الحنفية والمالكية وقد كان أبو حنيفة زعيم القائلين بالاستحسان, يقول محمد بن الحسن صاحبه إن أصحاب أي أصحاب أبي حنيفة كانوا ينازعونه القياس فإذا قال استحسن لم يلحق به أحد, وروى عن مالك في هذا الصدد قوله: الاستحسان تسعة أعشار العلم, ويروى عن اصبغ بن الفرج المالكي أن الاستحسان أغلب في الفقه من القياس ومن أشهر المعارضين للاستحسان الإمام الشافعي الذي يقول من استحسن فقد شرّع.
· قال الشافعي في الرسالة: (الاستحسان تلذد ولو جاز لأحد الاستحسان لجاز ذلك لأهل العقول من غير أهل العلم ويجاز أن يشرع في الدين في كل باب وأن يخرج كل أحد لنفسه شرعا).
· نسب إمام الحرمين العمل بالاستحسان إلى مالك وأنكره القرطبي فقال ليس معروفا من مذهبه.
· قال ابن الحاجب في المختصر: (قالت به الحنفية وأنكره غيرهم).
· قال الشوكاني: (أنكر الاستحسان جمهور العلماء).
· وقال د/ عبد المجيد مطلوب: وقال بالاستحسان جمهور العلماء.
· أدلة المثبتين للاستحسان..
1. قال تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ), فقد أثبتت الآية على القول ولولا أنه حجة لما كان هذا الثناء.
2.قال تعالى: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ), فقد أمرنا ربنا تبارك وتعالى بإتباع أحسن ما أنزل ولولا أنه حجة لما كان هذا الأمر.
3.روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما رآه المسلمون حسنا, فهو عند الله حسن).
4.إجماع الأئمة: فقد ذكر من استحسانهم دخول الحمام من غير تقدير لزمان السكون ولا كمية المياه المستخدمة.
5.أن الاستحسان يستند إلى دليل شرعي كالنص والإجماع والضرورة والمصالح المرسلة والعرف.. وعلى هذا لا يعد قولا بالهوى.
6.إن النصوص الشرعية قد خالفت أحيانا القواعد العامة تحقيقا لمصلحة أو درءا لمفسدة وفي هذا ما يشير إلى ضرورة العدول عن مقتضى القاعدة العامة إذا وجد العدول عن المقتضى لهذا العدول رحمة بالناس وتيسيرا عليهم ومن أمثلة هذا العدول:
أ- السلم.
ب- العرايا.
ج- الإكراه على أكل الميتة.
د- شرب الخمر أو قول الكفر.
7. ثبت بالاستقراء أن اطراد القياس يؤدي في بعض الحالات إلى تفويت المصلحة, والجواب عن الآية الأولى أنه لا دلالة له فيها على وجوب إتباع أحسن القول وهو محل النزاع, وعن الآية الثانية أنه لا دلالة أيضا فيها على أن ما صاروا إليه دليل منزل, فضلا عن كونه أحسن ما أنزل أي أن ليس في الآية دليل على أن الاستحسان هو دليل منزل فضلا عن كونه أحسن ما أنزل
8.أما جوابهم عن الخبر (الحديث) فإن قوله: (ما رآه المسلمون حسنا, فهو عند الله حسن), إشارة إلى إجماع المسلمين والإجماع حجة ولا يكون دليل وليس في الحديث دليل على أن ما رآه آحاد المسلمون حسنا أنه حسن عند الله.
9.والرد على الإجماع الذي ساقوه إنما حدث ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم به وأقره ولذلك أجمعوا استنادا إلى تقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى الاستحسان.
· أدلة النافيين للاستحسان..
1. قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا), أي أنه لا يصح الاحتكام إلى الاستحسان لأنه ليس كتابا ولا سنة.
2.أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يستعمل الاستحسان فيما عرض عليه من قضايا إنما كان يتوقف حتى نزل عليه الوحي فلو كان الاستحسان حجة لما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3.إن الاستحسان ضرب من الهوى فلا يصح الاعتماد عليه كمصدر للتشريع لأنه يفتح باب القبول على الله وخاصة أنه لا ضابط له ولا معيار حتى يعرف به ما هو الحق من الباطل فلو اعتمدنا عليه كدليل شرعي لاختلفت الأحكام في المسألة الواحد.
· التوفيق بين القولين..
· قال الدكتور دبور: إن هذا الخلاف بين المذهبين ليس خلافا حقيقيا لأنه ليس واردا على معنى واحد للاستحسان فالاستحسان الذي اعتبره المثبتون هو عدول المجتهد عن قياس جلي إلى القياس خفي أو عدول المجتهد عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل رجع عنده هذا العدول, أما الاستحسان الذي منع منه المنفون فهو القول بالهوى ومن غير دليل شرعي وعلى هذا يمكن القول بأنه لا خلاف بين أًحاب المذهبين في حجية الاستحسان بمعناه عند المثبتين وعلى عدم مجيئه بمعناه عند المنفيين, وشهد لذلك بأن الشافعي رضي الله عنه وهو أشد المنكرين لحجية الاستحسان قد قال به في بعض الحالات فقد روي عنه أنه قال: (استحسن في المتعة أن تكون ثلاثين درهما), و: (استحسن ثبوت الشفعة للشفيع إلى ثلاثة أيام).
· قال ابن السمعاني: إن كان الاستحسان هو القول بما يستحسنه الإنسان ويشتهيه من غير دليل فهو باطل ولا أحد يقول به, ثم قال:إن تفسير الاستحسان بما يشفع به عليهم لا يقولون به وإن تفسير الاستحسان بالعدول عن دليل إلى دليل أقوى منه فهذا مما لم ينكره أحد.
· أنواع الاستحسان..
1. الاستحسان الثابت بالنص.. يوجد هذا النوع من الاستحسان فى كل حادثة ورد نص من القران أو السنة بإعطانها حكما يخالف الحكم الثابت لأشباهها ونظائرها بمقتضى القاعدة العامة المقررة شرعا.
أ- الاستحسان القرءان فإنها جازت على خلاف الناس لأنها تملك مضاف بعد الموت حيث زالت الملكية إلا أنها استثنيت من القاعدة العامة بقوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
ب- وكما في قول القائل: مالي صدقة فإن القياس لزوم التصدق بكل مال له وقد استحسن تخصيص ذلك بكل مال الزكاة كما في قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً), ولم يرد به إلا مال الزكاة.
ج- الاستحسان بالسنة صحة الإجازة قياسيا باطلا لعدم وجود العقود عليه وقت العقد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك عدل عنه إلى النصر وهو أعطوا الأجير أجره).
د- الحكم بعدم الفساد من أكل أو شرب ناسيا, فهذا الحكم قد ثبت بنص في السنة ألا وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه), فإن الأكل والشرب حال النسيان وقد استثنيت بمقتضى هذا النص من القاعدة العامة التي تخضع لها نظائرها وهي فساد الصوم بكل شيء يصل إلى جوف الصائم فكان هذا استحسانا ثابتا بالنص.
ه- بيع السلم قياسا حرام لأنه بيع ما ليس عنده ثم جاء النص بإباحته وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم), فعمل بالنص.
2. الاستحسان الثابت بالإجماع.. ويتحقق باتفاق جميع المجتهدين على حكم في حادثة معينة يخالف الحكم المقرر بمقتضى القواعد العامة شرعا في امتثال هذه الحادثة وأشباهها كما يحقق أيضا بعدم إنكار المجتهدين على ما يفعله الناس إذا كان ما يفعلونه مما يخالف القواعد العامة في الشريعة.. ومن الأمثلة عليه:
أ- دخول الحمّام نظير مبلغ من المال.. فالقاعدة العامة في الفقه الإسلامي تقضي ببطلان هذا العقد لجهالة قدر الماء المستهلك, وجهالة المدة التي يمكثها الداخل لأن الناس يتعاونون فيما يستهلكونه من الماء وفي المدة التي يمكثوا فيها داخل الحمام ومع ذلك فقد جري العرف بجواز هذا العقد ودون إنكار من أحد من المجتهدين فكان هذا الحكم وهو جواز دخول الحمام دون تقدير مدة المكوث وتقدير كمية الماء المستعمل ثابتا بطريقة الاستحسان المستند إلى الإجماع.
ب- بيع الإستصناع[1].. قياسا هو باطل لأنه بيع ما لا يملك ولكن أجمع العلماء على القياس ويسمي هذا استحسان الإجماع.
3.الاستحسان الثابت بالضرورة.. وصورته أن يترتب على العمل بمقتضى القاعدة العامة في الشريعة حرج مضيق في مسألة جزئية معينة فيترك العمل بمقتضى القاعدة العامة في تلك المسالة الجزئية دفعا للحرج عن الناس.
أ- إن الآبار قياسيا لا تطهر أبدا إذا ما نجست لأنك تحتاج إلى غسل جارارها ونزح مائها النجس مع ضمان عدم خروج ماء جديد من أسفل البئر وهذا أمر متعسر وفيه كثير من الحرج والمشقة البالغة, لذا عدل عن هذا الحكم واعتبر نزح كمية معينة من الماء كافيا في تطهيره أو سكب كمية من الماء الطاهر في البئر.
ب- الحكم بطهارة سوار سباع الطير مشقة الاحتراز عنها.
4.الاستحسان الثابت بالعرف.. وهذا العرف يمكن أن يوجد في كل مسألة جرى العرف فيها على خلاف ما تقضي به القواعد العامة في الشريعة.
أ- فلو حلف شخص أنه لن يأكل لحما فأكل سمكا فالقاعدة العامة تقضي بحنثه في يمينه لقوله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا), فقد سمي السمك لحما طريا ومع ذلك فقد ترك الفقهاء العمل بالقاعدة العامة في هذا الشأن وقالوا بعدم الحنث لأن العرف جرى على عدم تسمية السمك لحما فالقول بعدم الحنث استحسان أساسه العرف.
ب- بيع الإستصناع: وهو أن يقول المشتري للبائع اصنع لي شيئا معينا أوصافه كذا وكذا.. بثمن كذا.. هذا البيع قياسيا باطلٌٌ لأنه بيع ما ليس موجود وما لا يملك ولكن تعارف الناس منذ القدم على هذا البيع وصار عادة وعرفا فقد منا العرف على القياس.
ج- أفتى محمد ابن الحسن بجواز وقف المشغول إذا تعارفه الناس كالكتاب والسلاح وأمثالها استحسانا على خلاف القياس عندهم عدم وقف المنقول.
5. الاستحسان الثابت بالمصلحة.. وهذا النوع يتحقق في كل مسألة يترك فيها العمل بمقتضى القاعدة العامة لتحقيق مصلحة.
أ- ومثاله وجوب الضمان على الأجير المشترك مثل طابع الكتاب والكواء والصباغ ففي حالة تلف الأشياء التي يتسلمها للعمل فيها فإن القاعدة العامة تقتضي عدم ضمانه لأن الأصل في الأجير أنه أمين والأمين لا يضمن ولكن العلماء تركوا العمل بمقتضى هذه القاعدة في هذه الحالة وقالوا بوجوب الضمان عليه لأنه لو لم يضمن لأدعى كثير من هؤلاء الأجراء صناع هذه الأشياء بسبب ضعف الوازع الديني عندهم.
ب- القاعدة عند الأحناف أن عقد المزارعة ينتهي بموت أحد المتعاقدين كما في الإجارة ولكنهم استثنوا إذا مات صاحب الأرض والزرع لم يدرك للمصلحة.
6. الاستحسان الثابت بالقياس الخفي القوي الأثر:صوره هذا النوع من الاستحسان أنه يوجد في المسألة قياسان أحدهما قياس جلي ضعيف الأثر وثانيهما قياس خفي قوي الأثر, فيترك المجتهد القياس الجلي ويأخذ بالقياس الخفي إذ العبرة يقوه الأثر لا بوضوح القياس.
أ- من المقرر في مذهب الحنفية أن بيع الأرض الزراعية لا يدخل فيه الشرب والطريق والمسيل الخاصة بهذه الأرض إلا بالنص عليها في العقد.
ب- ومن المقرر أيضا أن إيجاره الأرض يدخل فيها الشرب والطريق والمسيل الخاصة بهذه الأرض ولو لم ينص عليها في العقد.
ج- وهناك تصرف ثالث يشبه كلا من البيع والإجارة وهو الوقف, فإنه يشبه البيع من ناحية أن كل منهما يخرج العين من ملك صاحبها ويشبه الإيجارة من ناحية أن كلاهما يفيد ملك الانتفاع بالعين دون ملك العين نفسها, ولما كان الوقف بالبيع أظهر من شبهه بالإجارة كان هذا القياس قياسيا جليا, وقياس الوقف على قياس الإجارة قياسيا خفيا.
· وقد قدم فقهاء الحنفية قياس الوقف على الإجارة لأن المقصود من الوقف هو انتفاع الموقوف عليه
| |
|